responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي احياء التراث نویسنده : البغوي ، أبو محمد    جلد : 5  صفحه : 123
يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ. قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ نَادِمًا عَلَى مَا مَضَى مُجْمِعًا عَلَى أَلَّا يَعُودَ فِيهِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ أَنْ يَسْتَغْفِرَ بِاللِّسَانِ وَيَنْدَمَ بِالْقَلْبِ وَيُمْسِكَ بِالْبَدَنِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَوْبَةً تَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ قَالَ الْقُرَظِيُّ: يَجْمَعُهَا أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ الِاسْتِغْفَارُ بِاللِّسَانِ وَالْإِقْلَاعُ [1] بِالْأَبْدَانِ وَإِضْمَارُ تَرْكِ الْعَوْدِ بِالْجَنَانِ وَمُهَاجَرَةُ سَيِّئِ الْإِخْوَانِ. عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، أَيْ لَا يُعَذِّبُهُمُ اللَّهُ بِدُخُولِ النَّارِ، نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ، عَلَى الصِّرَاطِ، يَقُولُونَ، إِذْ طَفِئَ نُورُ الْمُنَافِقِينَ، رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ، ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلصَّالِحِينَ والصالحات من النساء.

[سورة التحريم (66) : الآيات 10 الى 12]
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (12)
فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ، واسمها واعلة، وَامْرَأَتَ لُوطٍ، وَاسْمُهَا وَاهِلَةُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَالِعَةُ وَوَالِهَةُ، كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ، وَهُمْا نُوحٌ وَلُوطٌ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَخانَتاهُما، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ وَإِنَّمَا كَانَتْ خِيَانَتُهُمَا أَنَّهُمَا كَانَتَا عَلَى غَيْرِ دِينِهِمَا، فَكَانَتِ امْرَأَةُ نُوحٍ تَقُولُ لِلنَّاسِ: إِنَّهُ مَجْنُونٌ وَإِذَا آمَنَ بِهِ أَحَدٌ أَخْبَرَتْ بِهِ الْجَبَابِرَةَ، وَأَمَّا امْرَأَةُ لُوطٍ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَدُلُّ [2] قَوْمَهُ عَلَى أَضْيَافِهِ إِذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ بِاللَّيْلِ أَوْقَدَتِ النَّارَ، وَإِذَا نَزَلَ بِالنَّهَارِ دَخَّنَتْ لِيَعْلَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أَسَرَّتَا النِّفَاقَ وَأَظْهَرَتَا الْإِيمَانَ، فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً لَمْ يَدْفَعَا عَنْهُمَا مَعَ نُبُوَّتِهِمَا عَذَابَ اللَّهِ، وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ، قَطَعَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ طَمَعَ كُلِّ مَنْ يَرْكَبُ الْمَعْصِيَةَ أَنْ يَنْفَعَهُ صلاح غيره، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ مَعْصِيَةَ غَيْرِهِ لَا تَضُرُّهُ إِذَا كَانَ مُطِيعًا.
فَقَالَ: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ، وَهِيَ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا غَلَبَ مُوسَى السَّحَرَةَ آمَنَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَلَمَّا تَبَيَّنَ لِفِرْعَوْنَ إِسْلَامُهَا أَوْتَدَ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا بِأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ وَأَلْقَاهَا فِي الشَّمْسِ. قَالَ سَلْمَانُ: كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تُعَذَّبُ بِالشَّمْسِ فَإِذَا انْصَرَفُوا عنها ظلتها الْمَلَائِكَةُ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ، فَكَشْفَ اللَّهُ لَهَا عَنْ بَيْتِهَا فِي الْجَنَّةِ حَتَّى رَأَتْهُ وَفِي الْقِصَّةِ أَنَّ فِرْعَوْنَ أَمَرَ بِصَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ لِتُلْقَى عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَتَوْهَا بِالصَّخْرَةِ قَالَتْ: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ فَأَبْصَرَتْ بَيْتَهَا فِي الْجَنَّةِ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، وَانْتُزِعَ رُوحُهَا فَأُلْقِيَتِ الصَّخْرَةُ عَلَى جَسَدٍ لَا رُوحَ فِيهِ، وَلَمْ تَجِدْ أَلَمًا. وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ كَيْسَانَ: رَفَعَ اللَّهُ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِلَى الْجَنَّةِ فَهِيَ فِيهَا تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ. وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ، قَالَ مُقَاتِلٌ وَعَمَلِهِ يَعْنِي الشِّرْكَ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَعَمَلِهِ، قَالَ: جِمَاعُهُ. وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
، الْكَافِرِينَ.

[1] تصحف في المطبوع «الأقلام» .
[2] زيد في المطبوع «على» .
نام کتاب : تفسير البغوي احياء التراث نویسنده : البغوي ، أبو محمد    جلد : 5  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست